قصص واقعية من رمضان

قصص واقعية من رمضان
سعيد العذاري

الصوم يعمّق التقوى في ذات الانسان ، ويقيّد الغرائز والشهوات ، ويهذب سلوك الانسان ويحصنه من تلويث خلقه ويجعل ضميره حيا وروحه انسانية لأستشعاره بان هناك رقابة محيطة به ومهيمنة عليه
والامتناع عن الاكل والشرب لافائدة فيه مالم يكون مقدمة للامتناع عن كل السلبيات والاخطاء والامتناع عن الاعتداء على حقوق الاخرين ابتداءا بالنظرة المؤذية وانتهاءا بالعنف الصوم ينبغي ان يربينا على الامتناع من الاعتداء على اموال وحقوق وكرامات وحريات الاخرين الصوم امتناع عن الربا والرشوة والتلاعب بالمال العام واكتنازه وان كان بطريق مشروع الصوم امتناع عن الغش والتزوير بجميع الوانه تزوير الشهادات والانتخابات الصوم امتناع عن تعيين غير المناسب في المكان المناسب وامتناع عت المحسوبية والمنسوبية الصوم امتناع عن العنف ابتداء بنظرة غير عطوفة او كلمة خشنة وانتهاءا بالقتل الصوم امتناع عن تاخير انجاز معاملات المواطنين الصوم امتناع عن اثارة الفتنة واستفزاز الطوائف والمذاهب الصوم امتناع عن الكذب والخداع والتضليل
---------------------
الاصرار والتحدي
في سنة 1980 كانت وحدتنا العسكرية قرب اذاعة وتلفزيون محافظة العمارة وكان الجو حارا جدا وتهجم علينا عواصف ترابية وكنا نسكن بالخيام
قررت الصوم انا والاخ عبد الواحد محمد العميدي فتحدث معنا العرفاء ونواب الضباط بانكم لا تستطيعون الصوم وستفطرون اول يوم ولا تقاومون
صمنا قربة لله وتحديا لاننا نستطيع الفرار من الصيام بالسفر خارج العمارة 23 و46 كيلومتر كل تسعة ايام كان الجو حارا لايطاق في شهر اب او نهاية تموز فكنت اشتري قالبين ثلج واضع قسما منها في طشت مملوء بالماء واغمس قطعة قماش ناعمة في الماء البارد واتغطى بها فحينما يمر الهواء القوي بها اشعر بالبرودة فانام واستمر نائما عشرة دقائق فاستيقظ من النوم بعد تبخر الماء وهكذا الى قريب الغروب
وكان في وحدتنا ضابط شاب قوي البنية وابوه مسؤول كبير في الجيش وكان الجميع يخافون منه بما في ذلك الضباط الكبار وامر المعسكر وفي اول يوم رمضان كان مسؤولا عن توزيع الطعام فلما قرب الغروب ذهبت لجلب الطعام متاخرا على اصطفاف الجنود فلما وصلت صاح في وجهي من بعيد فلم اتحمل الصياح لكرامتي ولارتباطي بالله وكما جاء في الحديث الشريف
(( من خاف الله خاف منه كل شئ ومن لم يخف الله اخافه الله من كل شئ ))
قلت من يكون هذا الضابط فلماذا اخافه فمهما كان رد فعله فهو هين بعد ان كنت مستعدا للتضحية بدمي من اجل هدفي الكبير وهو اقامة حكومة عالمية عادلة فكل شئ يهون كان الجنود يتوقعون انه سيعتدي علي بالضرب او السجن فقالوا له سيدي انه صائم ركض خلفي ولما وصل لي اعتذر مني وقال والله ما اعرفك لانك ليس تابعا لبطريتي وهي المرة الاولى يخاطب جنديا برفق وهدوء واعتذار ثم امر الطباخين ان يبعثوا الطعام كل يوم لخيمتي
---------------------
التلاحم العراقي
في سنة 1982 انتقلت وحدتي العسكرية الى بغداد واستقرت حضيرتنا العسكرية فوق سطح وزارة العدل في الاعظمية وحينما بدا رمضان بدات العوائل القاطنة هناك تبعث لنا الافطار والسحور اضافة الزلابية والبقلاوة والمرطبات والالبان والفواكه
عائلة كردية وعائلة تركمانية وعوائل اصلها من تكريت والانبار تبعث الينا الفطور والسحور ونحن من كربلاء والنجف والديوانية فلا فوارق مذهبية ولاقومية ولا مناطقية وكان بعض الجنود يسترق النظر للعوائل من فوق سطح الوزارة فحينما راوا كرمهم لنا جاءوا الينا واعتذروا من النظر وتابوا
--------------------
التلاحم الاسلامي المسيحي

الدين عموما دين الرحمة ودين السلام جاء من اجلهداية الانسانية وتحريرها من جميع الوان الانحراف الفكري والعاطفي والسلوكي بتهيئةالعقول والقلوب والارادات للتلقي والاستجابة الذاتية للمفاهيم والقيم الالهيةواستتباعها بالعمل الايجابي الذي يترجم التصورات والافكار إلى مشاعر وممارساتوعلاقات في الواقع دون اكراه أو اجبار، وهو يسعى إلى تغيير المجتمع الانساني لتكونالمفاهيم والقيم الصالحة هي الحاكمة على الافكار والمواقف والرحمة لاتقتصر على اتباعه بل تشمل مخالفيه ، وعلى ضوءذلك فكل قسوة او عدوان ليس من الدين مهما كانت مرتبة القاسي والعدواني الدينية
لا ازيد على هذه المقدمة بل اكتفيبقصتي مع مجموعة من رجال الدين المسيحي في زاخو سنة 1993 كنت صائما في رمضان وكنتازور كنيسة زاخو انا والاخ ابو جعفر الدمشقي وهو عراقي كان ساكنا في دمشق تعرفنا على مسؤول الكنيسة ولااعرف تسميته وكانت عندهم دروس دينية وبعد نهاية الدروس يجمعون اموالا ويضعونها على منضدة امام المسؤول وقد خصصوها للانفاق على الفقراء
تألم علينا كغرباء ثم قدم لنا مبلغا كبيرا من المال فقلناله نحن لدينا رواتب ولدينا نثرية ونحن مستعدون للتبرع لفقرائكم فتشكر منا ورفضاخذها ثم قال انا بخدمتكم ان كنتم تحتاجون سكنا او اي شئ طلبنا منه عدة نسخ من الكتاب المقدس فاهداها لنا فكانت فيعمومها لاتختلف كثيرا عن تعاليم الاسلام في اغلب نواحي الحياة الانسانيةوالاجتماعية
في اول يوم قدم لنا شايا وحليبا وشوكولاتا فاعتذرنا اننا صائمون فاتذر ايضا ورفض ان يشرب او ياكل امامنا ورفض من في الكنيسة ان ياكلوا او يشربوا احتراما لنا