الحج عن الوالدين من البر الذي شرعه الله عز وجل .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

موضوعنا في هذه الأسطر عن الحج عن أحد الوالدين ،، سواء قد توفاه الله برحمته ،، أو أنه كبير بالسن ولا يستطيع الحج بنفسه ،،

إذ يعد الحج عن الوالدين من البر الذي شرعه الله ،، حيث يمكن للرجل أو المرأة ،، أن تحج عن أمها ،، أو أبيها إذا كان كبير بالسن ولا يستطيع اداء الحج ،، أو إذا كان توفاه الله ،، يمكنها الحج عنه سواء سبق أن ادى ركن الحج الفريضه او لم يسبق له الحج ،، ويذهب اجره لأبيها من دون أن ينقص من أجرها شيئاً ،،

فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اتته امرأة من خثعم فقالت: إني امرأة من خثعم، يا رسول الله، أمي ماتت، ولم تحج أفأحج عنها ؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت تقضيه ؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى ،،

وروى الترمذي والامام الشافعي والبيهقي عن علي بلفظ: إن أبي شيخ كبير قد أدرك فريضة الله على عباده في الحج لا يستطيع أداءها أفيجزئ عنه أن أؤديها عنه ؟ قال: نعم،

ورواه ابن جرير عن سليمان بن يسار عن ابن عباس بلفظ إنها سألته في حجة الوداع، والفضل بن عباس رديفه، فقالت: يا رسول الله، فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي أن أحج عنه ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم حجي عن أبيك، أرأيت إن كان عليه دين فقضيته عنه، ألا ترين أنك قد أديت عنه ؟ قالت: نعم، قال: فحق الله أحق.

وروى ابن جرير عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا قال: يا نبي الله، إن أبي مات ولم يحج، أفأحج عنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه ؟ قال: نعم، قال: فحق الله أحق،،

ومن تيسير الله على عباده أن يتيح لهم باب من ابواب الخير والبر ،، فمن بر الوالدين أن تحج عن احدهما ويذهب اجر الحج لهما من دون أن ينقص من أجرك شيئاً ،، كذلك يمكنك أن تعطي احدهم مبلغا ً من المال كي يؤدي فريضة الحج عن احد والديك ،، اذا وثقت في دينه وامانته ،،

فقد ورد عن النبي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال " ان عمل ابن ادم ينقطع بالوفاة إلا من ثلاث احدهما ولد بار يدعو له ، وصدقة جاريه او علم ينتفع به "

والولد بره بالدعاء له ،، ومن افضل الأعمال اداء الحج عنهما ،والدعاء لهما في صعيد عرفة الطاهر ،،

فإذا نوى الحج عن والده يقول الحاج عند الميقات لبيك اللهم حجا ً عن والدي فلان أبن فلان ، وإن كان متمتعا يقول لبيك اللهم عمرة متمتعا بها إلى الحج عن والدي فلان بن فلان او والدتي فلانه بنت فلان ، وفي اليوم الثامن يحرم بالحج ويقول لبيك اللهم حجا عن والدي او والدتي .

وقد سألت احداهن الشيخ ابن باز رحمه الله فقالت " حجت أمي، سبع حجات ، فهل يجوز لي أنْ أحج عنها بنفسي أم لا ؟ "

فأجابها الشيخ ابن باز رحمه الله " نعم يجوز لكِ أنْ تحجي عنها حجة ثامنة أو أكثر ،، وهذا من برها ،، ولك في ذلك أجرٌ عظيمٌ إذا كنت ِ قد حججت ِ عن نفسك وكانت متوفاةً أو عاجزةً عن الحج لكبر السن أو لمرض لا يرجى برؤه ،، وأسألُ الله عز وجل أنْ يمنحني وإياك ِ الفقهَ في الدين والثبات عليه " ،،

من مجموع فتاوى الشيخ ابن باز –رحمه الله -16/405 ونشرت في مجلة (الدعوة) العدد (1561) في 21/5/1417

وسأل أحدهم الشيخ ابن باز فقال " توفي والدي منذ خمس سنوات، وبعده بسنتين توفيت والدتي، قبل أن يؤديا فريضة الحج، وأرغب أن أحج عنهما بنفسي، فسمعت بعض الناس يقول: يلزمك أن تحج عن أمك أولاً؛ لأن حقها أعظم من حق الأب، وبعضهم يقول: تحج عن أبيك أولاً؛ لأنه مات قبل أمك. وبقيت محتاراً فيمن أقدم؟ وضحوا لي أثابكم الله؟ "

فأجاب فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله " حجك عنهما من البر الذي شرعه الله عز وجل، وليس واجباً عليك، ولكنه مشروع لك ومستحب ومؤكد؛ لأنه من برهما،، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما سأله رجل: "هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟ قال: " نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ". والمقصود أن من برهما بعد وفاتهما أداء الحج عنهما.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سألته امرأة، قالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج وهو شيخ كبير لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "حجي عن أبيك ،، وسأله آخر عن أبيه، قال: إنه لا يثبت على الراحلة ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " حج عن أبيك واعتمر" ،،
فالمشروع لك يا أخي أن تحج عنهما جميعاً وأن تعتمر عنهما جميعاً، أما التقديم فلك أن تقدم من شئت، إن شئت قدمت الأم، وإن شئت قدمت الأب، والأفضل هو تقديم الأم؛ لأن حقها أكبر وأعظم ولو كانت متأخرة الموت وتقديمها أولى وأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: يا رسول الله، من أبر؟ قال: "أمك ،، قال: ثم من، قال: أمك ،، قال: ثم من، قال: أمك ،، قال: ثم من ؟ قال : أباك " ،، فذكره في الرابعة ،،.
وفي لفظ آخر سئل عليه الصلاة والسلام قيل : يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : " أمك ،، قال: ثم من؟ قال: أمك،، قال : ثم من ؟ قال : أمك ،، قال : ثم من ؟ قال : أبوك " ،،
فدل ذلك على أن حقها أكبر وأعظم، فالأفضل البداءة بها ثم تحج بعد ذلك عن أبيك وأنت مأجور في ذلك ولو بدأت بالأب فلا حرج.

من فتاوى ابن باز رحمه الله وجميع موتانا وموتى المسلمين ،،

اللهم اغفر لي ولوالدي كما ربياني صغيرا ، وارحمهما برحمتك ،، وآياكم ،، وكل المسلمين والمسلمات ،، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ،،