نصائح لكي اخيتي عند ذهابك الى السوق
الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على المصطفى، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. أما بعد.
فإنه منذ عقدٍ أو عقدين من الزمان كان من النادر أن ترى امرأة في أسواقنا ولا ترى إلا في حالة تكون المرأة فيها مضطرة إلى الخروج إما لعدم وجود عائل للأسرة؛ فتخرج لشراء بعض ما تحتاجه وأولادها أو لعدم وجود من يقوم مقامه لمرض أو غيره.
ولكن بعد أن فتح الله على الناس وخاصة أهل هذه البلد من الخيرات، بدأت تظهر عادات في المجتمع ما كانت تظهر من قبل.
أولها: خروج المرأة مع السائق بدون محرم.
وثانيها: خروج المرأة إلى السوق لسبب أو لغير سبب وغير ذلك، من العادات المخالفة لشرع الله القويم ولكن ظاهرة خروج المرأة إلى السوق لها أثرها وانتشارها مع عدم إغفال العادات السيئة الأخرى، وعندما نلاحظ النساء اللاتي يرتدن الأسواق نجد على بعضهم مخالفات لتعاليم الدين الإسلام أغلب هذه المخالفات إما تكون المرأة جاهلة بها, فهي معذورة حتى يتبين لها الحكم.
أو أنها قاصدة فيصدق عليها قوله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ{([1]).
فحاولت جمع هذه المخالفات وذكر العلاج لهذه المخالفات امتثالاً لقوله تعالى: }وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{([2]). وقوله تعالى: } وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ {([3]).
وذلك في الجزء الأول من سلسلة نصائح إلى مرتادات الأسواق. والله من وراء القصد.
أما أفنان
في ليلة ألأربعاء
28-11-1413هـ
الرياض
([1])سورة النور، لآية (19).
([2])سورة المائدة، لآية (2).
([3])سورة التوبة، لآية (71).
النصيحة الأولى
أول وأهم نصيحة هي الالتزام التام بالحجاب الإسلامي الصحيح والانقياد لأمر الله تعالى في قوله: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا{([1]).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون علينا ونحن محرمات مع رسول الله r فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه»([2]).
المراد بالجلباب هو كل ثوب يستر جميع بدن المرأة من كساء وغيره. وقال الجوهري: الملحفة وهو لباس يلبس فوق سائر اللباس (وهو ما يعرف بالعباءة)». ويقول أبو بكر الجصاص: «في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها من الأجانب وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيها»([3])، في هذه الأدلة وغيرها دليل على وجوب غطاء الوجه، وهناك رد على الحديث الذي يجوز فيه كشف وجه المرأة الذي رواه أبو داود في سننه عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على الرسول r وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه»([4]).
قال الشيخ ابن عثيمين: «إن هذا الحديث ضعيف من وجهين:
الوجه الأول: الانقطاع بين عائشة وخالد بن دُريك الذي رواه عنها كما أعلم بذلك أبو داود نفسه حيث قال: خالد بن دريك لم يسمع من عائشة وكذلك أعله أبو حاتم الرازي.
الوجه الثاني: في إسناده سعيد بن بشر النصري نزيل دمشق تركه ابن مهدي وضعفه أحمد وابن معين والنسائي وابن المديني وعلى هذا فالحديث ضعيف لا يقاوم ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب غطاء الوجه»([5]). تقول الزهراء فاطمة بنت عبد الله ([6]) إن متن الحديث مخالف لما عليه أسماء بنت أبي بكر من تحفظ وصيانة أيعقل أن تدخل أسماء على النبي r بثياب رقاق مع أنها كانت في إحرامها للحج تغطي وجهها بالرغم أن المرأة يجب عليها كشف وجهها للإحرام، ومن يرد الزيادة في الرد على هذا الحديث وأقوال العلماء فيه فليرجع إلى كتاب الأخت فاطمة السابق.
([1])سورة الأحزاب آية رقم (59).
([2])رواه أحمد وأبو داود رقم (1833) وابن ماجه.
([3])نقلاً من كتاب المرأة المسلمة أمام التحديات – أحمد الحصين ص69 بتصرف.
([4])رواه أبو داود مرسلاً.
([5])رسالة الحجاب لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين ص20.
([6])المتبرجات.
-------------------------
النصيحة الثانية
غض البصر, فيجب عليك- أختي- عند الدخول إلى السوق أن تغضي بصرك ولا تعتمدي على أنه لا أحد يراك من الرجال إذا نظرت إليهم فإن الله تعالى يصف نفسه بقوله: }يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ{([1]).
1- عدم كثرة النظر إلى الباعة واتباع قوله تعالى: }وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ{([2]).
2- إن غض البصر له أمور حميده منها هذه الثلاثة التي ذكرها ابن تيمية:
1- حلاوة الإيمان. 2- قوة القلب وثباته.
3- يورث نور القلب, وإن عواقب عدم غض البصر عواقب وخيمة؛ فكم من نظرة أودت بصاحبتها إلى المهالك في الدنيا والآخرة؛ فرب نظرة كانت طريقًا إلى الزنى «النظرة سهم من سهام إبليس».
([1])سورة غافر، آية (19).
([2])سورة النور، آية (31).
---------------------
النصيحة الثالثة
بعض الأخوات تقوم بحسن نية عند إرادة شراء بعض العطور تضع على كفها أو على جزء من لباسها شيئًا من ذلك العطر وذلك للتجربة كما يقال, ولم تعلم أنه لا يجوز لها التعطر إلا لذوي المحارم ولا يشم رائحتها سوى محارمها, ولكن بدل ذلك تضع على غطاء العبوة نفسها أو على شيء تتخلص منه بعد التجربة، كأن تضع هذا العطر على منديل ورقي ثم ترميه .
--------------------------
النصيحة الرابعة
عندما تريدين الوقوف لشراء بضاعة فعليك أن تنتبهي لطريقة وقوفك, فربما أدت هذه الوقفة إلى تجسيم بعض أعضاء جسدك لأن العباءة يمكن أن تصف الجسد, وربما تلفت هذه الوقفة الأنظار لأنها لا تتناسب مع وقار المرأة, ثم عليك عدم إطالة الوقوف أمام المتاجر ,فإما أن تشتري وإلا فانصرفي حتى لا تكوني عرضة لنظرات المارة أمام المتاجر.
------------------
النصيحة الخامسة
عدم لبس الحذاء العالي (الكعب) أثناء الخروج للتسوق, وذلك أنه يُسمع له صوت في السوق؛ فالحذاء يظهر صوته في السوق بشكل يلفت الأنظار والأسماع؛ فيتجه المارة إلى صاحبة هذا الصوت ويقع المحظور ولكن تلبس من أنواع الحذاء الذي لا يُسمع له صوت وكذلك فإن لبس الحذاء العالي يساعد على إبراز بعض أجزاء الجسد بطريقة غير طيبة فيسيء الناس بالأخت الظن، وأيضًا فإنه يضر بعض أعضاء الجسم وخاصة الظهر ولا يدع المرأة مرتاحة في المشي فضلاً عن المشي الوقور؛ قال تعالى: }الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا{([1]).
([1])سورة الفرقان، آية (63).
-----------------------------
النصيحة السادسة
عدم الالتفات أثناء المشي بداخل السوق؛ فبعض النساء قد تنبهر بما هو معروض في أحد المحلات فتلتفت أثناء المشي وقد تفاجأ أنها تصطدم بأحد الرجال أو شيء غيره.
------------------
النصيحة السابعة
بعض النساء – هداهن الله – تعتبر الذهاب إلى المحرم عبئا وكتمًا للحرية, فتتمنى أنه لا يذهب معها أحد وما تعرف هذه المرأة أن للمحرم فوائد في الذهاب معها، لو لم يكن له في مسيره معها إلا أن يكون لها هيبة من الذئاب البشرية, وهي أيضًا عاصية لله تعالى بذلك الفعل لأن النبي r نهى عن الاختلاط بالرجال, ونهى عن خروج النساء من البيوت من غير محرم لها إلا لضرورة
--------------------
النصيحة الثامنة
يجب على المرأة أن تختار الوقت الذي تستطيع فيه أن تشتري ما تريد, فتذهب في وقت يكون مناسبًا فلا تذهب في وقت لا يكون في السوق سوى الباعة – وذلك أغلب ما يكون صباحًا – فإنها تكون عرضة لإساءة الباعة لها ولكن تذهب في وقت يكون في السوق عدد لا بأس به، من الناس فإن أهل الغيرة لا يعدمون .
---------------------
النصيحة التاسعة
سبحان الله, لم تجد المرأة محلاً خارج البيت للأكل غير السوق وكأنها مشردة منه, فترين أختي في الله بعض النساء تأكل وتشرب داخل السوق، وربما عند رفع ما تشربه إلى فمها قد ينكشف شيء من صدرها أو نحرها أو وجهها على أنه من سوء الأدب الأكل في مجامع الناس؛ لأن الأكل خارج البيت من خوارم المروءة, فنصيحتي لك أختي بعدم الأكل والشراب في السوق, فإنك تستطيعين أن تصبري عن الأكل والشرب داخل السوق.
------------------
النصيحة العاشرة
أحذرك من التهاون بأي شيء يأتيك من الشباب الفارغ، فيجب عليك مقابلة ذلك بالحزم والقوة ولا تدعي له ذلك فوالله إنه لا يتعرض إلى أي امرأة ما لم تكن تدعو إلى نفسها إما بلبسها أو مشيتها أو بكلامها.
----------------------
النصيحة الحادية عشرة
عليك عند دخول السوق تجنب الأماكن التي فيها الزحام وعدم دخول محل فيه رجال ونساء كثير فربما يوجد من بينهم رجل عاص لله ضعيف الإيمان قد يسبب لك إحراجًا إما أنه يلمسك على أنه يريد أن يخرج من المحل أو يريد أن تفسحي له الطريق وهو فقط يريد لمس النساء ,فعليك أختي في الله أن تتجنبي ذلك الإحراج وعدم قرب تلك الأماكن المزدحمة صيانةً لدينك وحفاظًا على شرفك.
-----------------------
النصيحة الثانية عشرة
تتهاون بعض النساء – هداهن الله – مع العمالة الأجنبية الوافدة تهاونًا مخيفًا؛ فبعضهم تتكلم بطلاقة وتجادله مجادلة ظاهرة وتتهاون أيضًا في كشف وجهها أو بعضه, فقد دخلت إلى أحد المحلات فوجدت امرأة قد رفعت كل ما على رأسها من حجاب وأصبح يُرى وجهها وشعرها؛ لكي تصلح ما على رأسها, فنظرت إلى البائع فإذا هو من العمالة, فقلت: سبحان الله, من أحل لهذا الأجنبي وهذه المرأة أن تكشف عن وجهها أمامه ودون أي خجل, فعليك -أختي- أن تتقي الله سبحانه وتعالى وتعتبري الرجل غير محرم لك لا يجوز أن ينظر إليك سواء كان مواطنًا أو من العمالة, فالعامل لا يقاس على مسألة العبيد قديمًا.
------------------
النصيحة الثالثة عشرة
تدخل بعض النساء إلى المحل, فتريد أن ترى شيئًا من البضاعة ويكون غطاء الوجه ليس خفيفًا, فتكشف عن وجهها بغرض رؤية ذلك الشيء وترى أنه ليس يراها أحد من الأمام ولكن ربما أحد الذئاب البشرية يترصد لها من أحد الجوانب, وهي لا تشعر بذلك أو أنها ترى شيئًا تحت الزجاج فتفعل ذلك، فينعكس وجهها في المرآة لصاحب المحل.
----------------------
النصيحة الرابعة عشرة
توجد في بعض الأسواق ملابس ليست للمؤمنات؛ إما أنها مفتوحة الصدر أو أنها قصيرة أو قصيرة الأكمام والغرض من إرسالها إلى هذه الأسواق من قبل دور الأزياء العالمية التي تريد إفساد أخواتنا المؤمنات وإخراجهن من لباس الحشمة الذي كان يرتديه أمهاتهن إلى زي الكافرات الفاسقات, فعليك -أختي- أن تمتنعي عن شراء هذه الأزياء حتى ولو أنك لن تقابلي بها إلا النساء مع ما في ذلك من محاذير, فإن مقاطعة تلك البضائع سوف يجعل دور الأزياء تمتنع عن إرسال مثل تلك وسوف يمتنع عملاؤهم من أخذها لما سوف يسبب لهم من خسائر وكساد.
----------------------
النصيحة الخامسة عشرة
ترى كثير من النساء في الأسواق قد لبسن كثيرًا من الزينة حتى كأنهن في حفلة زفاف, فيجب عليك- أختي في الله – عند إرادة الذهاب إلى السوق التخلي عن الزينة حسية ومعنوية: حسبة كإظهار الملابس تحت العباءة والكحل, ومعنوية كالطيب.
---------------------
النصيحة السادسة عشرة
تتهاون بعض النساء – هداهن الله – في التحدث مع صاحب المحل تهاونًا كبيرًا فتسمعها تقول :من صنعها؟ من وردها؟ من...؟ وربما أدى هذا الأمر إلى ما لا يحمد عقباه, ولكن لابد للمرأة من أن تقتصر على التحدث في أمر لابد منه.
---------------------
النصيحة السابعة عشرة
عدم الجلوس في السوق, فمن الظواهر التي انتشرت في الآونة الأخيرة طول الجلوس في السوق لغير غرض؛ فبعض النساء تجلس داخل السوق لمدة ساعة أو أكثر ولم تعلم أن أبغض الأماكن عند الله هي الأسواق؛ «أبغض البلاد إلى الله أسواقها»([1]).
([1])رواه مسلم عن أبي هريرة.
---------------------
النصيحة الثامنة عشرة
عندما تسير أمامك امرأة وتنظرين إلى رجليها وهي لا تلبس جوارب تجدين أنه عندما يرتفع أسفل ثوبها بسبب المشي يرى أسفل ساقها وذلك بسبب قصر ثوبها أو العباءة وسبب ثانوي هو عدم لبس جوارب, فما يدريك أنه قد يحدث لك ما يحدث لهذه المرأة إذا كنت على أوصافها, فربما لا تنظر إليك امرأة أخرى ولكن ينظر إليك رجل فعليك -أختي- أن تتبعي الأوصاف التي تركتها تلك المرأة ومنها طول الثوب والعباءة ولبس الجورب.
-----------------------
النصيحة التاسعة عشرة
تتهاون بعض النساء في أن يأخذ صاحب محل الذهب أو غيره من أصحاب المحلات التي تحتاج فيها المرأة إلى أخذ مقاس ما سوف تأخذه، وربما وقعت كارثة من وضع يدها بين يدي صاحب المحل أو وقعت أكبر منها عندما يقوم أحد الخياطين في أخذ مقاس للجسم كاملاً؛ فيجب أن تحذر المرأة من ذلك وتستعين بمحرمها في أخذ المقاس.
-------------------------
النصيحة العشرون
يا أمة الله اتقي الله تعالى ولا تكثري الخروج من المنزل إلى السوق، يا أمة الله لو تعلمين ما في المخالطة من العون على المعصية والشيطان ونشر الفساد وإشاعة الفاحشة بين الذين آمنوا من إضعاف لهمة المسلم؛ فكيف وقد يشوبه بعض المعاصي، أختي في الله إن خروجك إلى السوق في كل أمر كان صغيرًا أو كبيرًا قد يشغلك عن ما في بيتك، ولكن اقتصري عن كثرة المشتريات؛ فكم نشتري من أشياء ولا نستفيد منها، فليت ثمن بعض ذلك نرسله لإخواننا المسلمين الذين هم بحاجة ماسة إلى ذلك، وحتى لا تقعي تحت طائلة الآية؛ قال تعالى: }إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ{([1]).
([1])سورة الإسراء، آية (27).