اردت قبل الحديث عن الاعجاز اللغوى نقل فضائل السوره وسبب نزولها
سورة الكهف وهي مكية في قول جميع المفسرين . روي عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله " جرزا " [ الكهف : 8 ] , والأول أصح
سبب نزولها
ذكر ابن إسحاق أن قريشا بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود وقالوا لهما : سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله ; فإنهم أهل الكتاب الأول , وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء ; فخرجا حتى قدما المدينة , فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ووصفا لهم أمره , وأخبراهم ببعض قوله , وقالا لهم : إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا . فقالت لهما أحبار يهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن , فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل , وإن لم يفعل فالرجل متقول , فروا فيه رأيكم ; سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول , ما كان أمرهم ; فإنه قد كان لهم حديث عجب . سلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها , ما كان نبؤه . وسلوه عن الروح , ما هي ; فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي , وإن لم يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم . فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط حتى قدما مكة على قريش فقالا : يا معشر قريش , قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها , فإن أخبركم عنها فهو نبي , وإن لم يفعل فالرجل متقول , فروا فيه رأيكم . فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد , أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول , قد كانت لهم قصة عجب , وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها , وأخبرنا عن الروح ما هي ؟ قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أخبركم بما سألتم عنه غدا ) ولم يستثن . فانصرفوا عنه , فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون خمس عشرة ليلة , لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل , حتى أرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا , واليوم خمس عشرة ليلة , وقد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه ; وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه , وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة , ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم , وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية , والرجل الطواف والروح . قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل : ( لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا " فقال له جبريل : " وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا " [ مريم : 64 ] . فافتتح السورة تبارك وتعالى بحمده , وذكر نبوة رسوله صلى الله عليه وسلم لما أنكروا عليه من ذلك فقال : " الحمد الله الذي أنزل على عبده الكتاب
فضائل سوره الكهف
عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال وفي رواية ـ من آخر سورة الكهف ـ ) [ رواه مسلم ] ..
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من " فتنة " الدَّجال ) [ صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة / 582 ] ..
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ سورة الكهف ) [ كما أنزلت ] كانت له نورا يوم القيامة ، من مقامه إلى مكة ، و من قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ، و من توضأ فقال : سبحانك اللهم و بحمدك [ أشهد أن ] لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك ، كتب في رق ، ثم جعل في طابع ، فلم يكسر إلى يوم القيامة ) [ صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة / 2651 ] ..
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من قرأ سورة ( الكهف ) ليلة الجمعة، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ) [ صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 736 ] ..
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ سورة ( الكهف ) في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) [ صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 736 ] ..
مع بعض من الاعجاز اللغوى بالسوره
الايه الكريمه (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ)
فلماذا شبه الله الحياه الدنيا بالماء
قال الحكماء: إنما شبه الله تعالى الدنيا بالماء لأن الماء لا يستقر في موضع، كذلك الدنيا لا تبقى على واحد، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة كذلك الدنيا، ولأن الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا، وإذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه) (تفسير القرطبى)
الاعجاز اللغوى فى (وَرَاءَهُمْ)
الايه الكريمه (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)
فلماذا قال تعالى عن الملك انه وراءهم وهو خلفهم ....
.جاء فى تفسير القرطبى توضيح ذلك حيث قال (يقول القائل كيف قال " من ورائه " وهي أمامه ؟ فزعم أبو عبيد وأبو علي قطرب أن هذا من الأضداد , وأن وراء في معنى قدام , وهذا غير محصل ; لأن أمام ضد وراء , وإنما يصلح هذا في الأوقات , كقولك للرجل إذا وعد وعدا في رجب لرمضان ثم قال : ومن ورائك شعبان لجاز وإن كان أمامه , لأنه يخلفه إلى وقت وعده ; وأشار إلى هذا القول أيضا القشيري وقال : إنما يقال هذا في الأوقات , ولا يقال للرجل أمامك إنه وراءك ; قال الفراء : وجوزه غيره ; والقوم ما كانوا عالمين بخبر الملك , فأخبر الله تعالى الخضر حتى عيب السفينة ; وذكره الزجاج . وقال الماوردي : اختلف أهل العربية في استعمال وراء موضع أمام على ثلاثة أقوال : [ أحدها ] يجوز استعمالها بكل حال وفي كل مكان وهو من الأضداد قال الله تعالى : " ومن ورائهم جهنم " [ الجاثية : 10 ] أي من أمامهم : وقال الشاعر : أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا يعني أمامي . [ والثاني ] أن وراء تستعمل في موضع أمام في المواقيت والأزمان لأن الإنسان يجوزها فتصير وراءه ولا يجوز في غيرها . [ الثالث ] أنه يجوز في الأجسام التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ولا يجوز في غيرهما ; وهذا قول علي بن عيسى . )
ا
لاعجاز اللغوى فى ( أَعِيبَهَا - فَأَرَدْنَا -فَأَرَادَ رَبُّكَ)
لاحظ الاعجاز اللغوى بقول الخضر عليه السلام وعلى نبينا افضل الصلاه والسلام (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِفَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا
والايه (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا
وكذلك الايه الكريمه (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)
فلماذا اضاف الخضر عليه السلام وعلى نبينا افضل الصلاه والسلام عيب السفينه الى نفسه واستبدال الخير واستخراج الكنز لله يقول الامام القرطبى فى تفسيره (إن قال قائل : كيف أضاف الخضر قصة استخراج كنز الغلامين لله تعالى , وقال في خرق السفينة : " فأردت أن أعيبها " فأضاف العيب إلى نفسه ؟ قيل له : إنما أسند الإرادة في الجدار إلى الله تعالى لأنها في أمر مستأنف في زمن طويل غيب من الغيوب , فحسن إفراد هذا الموضع بذكر الله تعالى , وإن كان الخضر قد أراد ذلك فالذي أعلمه الله تعالى أن يريده وقيل : لما كان ذلك خيرا كله أضافه إلى الله تعالى وأضاف عيب السفينة إلى نفسه رعاية للأدب لأنها لفظة عيب فتأدب بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه , كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله : " وإذا مرضت فهو يشفين " فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى , وأسند إلى نفسه المرض , إذ هو معنى نقصى ومصيبة , فلا يضاف إليه سبحانه وتعالى من الألفاظ إلا ما يستحسن منها دون ما يستقبح , وهذا كما قال تعالى : " بيدك الخير " [ آل عمران : 26 ] واقتصر عليه فلم ينسب الشر إليه , وإن كان بيده الخير والشر والضر والنفع , إذ هو على كل شيء قدير , وهو بكل شيء خبير ولا اعتراض بما حكاه عليه السلام عن ربه عز وجل أنه يقول يوم القيامة : ( يا ابن آدم مرضت فلم تعدني واستطعمتك فلم تطعمني واستسقيتك فلم تسقني ) فإن ذلك تنزل في الخطاب وتلطف في العتاب مقتضاه التعريف بفضل ذي الجلال وبمقادير ثواب هذه الأعمال وقد تقدم هذا المعنى والله تعالى أعلم . ولله تعالى أن يطلق على نفسه ما يشاء , ولا نطلق نحن إلا ما أذن لنا فيه من الأوصاف الجميلة والأفعال الشريفة جل وتعالى عن النقائص والآفات علوا كبيرا . وقال في الغلام : " فأردنا " فكأنه أضاف القتل إلى نفسه , والتبديل إلى الله تعالى والأشد كمال الخلق والعقل )
الاعجاز اللغوى ب ( تستطع - تسطع )
ايضا من الاعجاز اللغوى بسوره الكهف قوله تعالى(قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا)والايه الاخرى (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا)
فلماذا قال تعالى بالايه الاولى تستطع وبالايه الثانيه تسطع
جاء فى تفسير بن كثير (وقوله " ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " أي هذا تفسير ما ضقت به ذرعا ولم تصبر حتى أخبرك به ابتداء ولما أن فسره له وبينه ووضحه وأزال المشكل قال " تسطع " وقبل ذلك كان الإشكال قويا ثقيلا فقال " سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " فقابل الأثقل بالأثقل والأخف
الاعجاز اللغوى ب ( اسطاعوا - استطاعوا )
قال " فما اسطاعوا أن يظهروه " وهو الصعود إلى أعلاه " وما استطاعوا له نقبا " وهو أشق من ذلك فقابل كلا بما يناسبه لفظا ومعنى والله أعلم
واخيرا انقل قول الحسن البصرى حيث يقول في قوله " وكان تحته كنز لهما " قال لوح من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يعرف الدنيا ومقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله