علاقة الدماغ بصعوبات التعلم
علاقة الدماغ بصعوبات التعلم
يتكون الدماغ من ملاين الخلايا العصبية , يتصل كل منها بخلايا أخرى معينة , وبطريقة تمكن كلا منها أن تصل خلية واحدة تقع إلى اليمين منها مباشرة , وتنتج نوعا معينا من الكيميائيات , يمر ضمن مسافة معينة فيثير خلية أخرى وبعينها تقع إلى جانبها .
تسمى الكيماويات التي تنقل الرسائل من خلية عصبية إلى خلية عصبية أخرى العصب الناقل , وفي الوقت الذي يعبر فيه الناقل العصبي المكان, ويثير خلية أخرى تحدث عملية كيماوية جديدة تثير الخلية التي بعدها وتطفئ تلك التي قبلها .
ينتج الدماغ نماذج عديدة متنوعة من هذه الناقلات العصبية , يبلغ عددها حوالي مائتي نوع عُرف منها حديثا خمسون نوعا , وقد أيدت نتائج الأبحاث الحديثة ما قيل من أن سبب عدم التركيز والتشتت في الانتباه , وحصول النشاط الزائد هو قصور ناقلات عصبية معينة في منطقة معينة من الدماغ , حيث لا تقوم بوظيفتها بالشكل المطلوب .
وهناك أنشطة كيماوية أخرى تتعلق بالدماغ المتنامي ومن شأنها أن تسير الدماغ , والأنشطة السلوكية , كما أن نوعا معينا من هذه الكيماويات تتصل بخلية خاصة أو بمجموعة خلايا . وبعض هذه الخلايا تنمو بشكل معقد ودقيق جدا . وتعمل معا بأسلوب بطئ في تكون شبكة خلايا (النيورونز, Neurons) والتي هي تشكل الدماغ الإنساني .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو :
هل يمكن لهذه المراسيل الجينية أن تصاب , وان تتعرض للإصابة وتسبب الإخلال الوظيفي للدماغ ؟
وهل يمكن لهذه أن تعلل النموذج الوراثي لصعوبات التعلم في العائلة ؟ وهل يمكن للكيماويات الأخرى أن تتدخل مع عملية إنتاج المراسيل البيوكيماوية ؟ وإذا توقف إنتاج هذه الكيماويات بسبب خلل وظيفي ولوقت وجيز فهل يؤثر على نوع أخر من النمو في الدماغ ؟
إن في الإجابة عن هذه الأسئلة ما يبعث الأمل بعلاج ناجح لصعوبات التعلم أو بالعثور على طريقة للوقاية منها وللحيلولة دون وقوعها .
لقد تبين من خلال الدراسات التي أجريت في أمريكا في هذا الخصوص إن حوالي 80% من الحوامل تعاطين وصفات علاجية خلال مدة الحمل , أو أثناء الولادة ومع هذا لم يتضح أي هذه الوصفات أو نوعها هو الذي كان له أثره على العملية الجينية الكيماوية في الدماغ , كما وجد أن بعض الوصفات التي تناولتها الأمهات أثناء الولادة لم تُحلل في الكبد , الأمر الذي أبقاها في دم الرضيع فترة أطول حتى يتمكن الكبد الذي لم يبلغ مرحلة النضج بعد – من تحليلها .
وهل يمكن لهذه الوصفات الطبية أن تفسر التغيرات الهامة التي تحدث في الدماغ عند الطفل , أو في أي جزء من أجهزة جسمه ؟
ليست هناك من إجابات قطعية عن هذه التساؤلات , ولكن وفي إطار الحيلولة دون حدوث ذلك , ومن قبيل الاحتياط تنصح الحوامل أن لا يتعاطين أي علاج خلال الحمل وحين الولادة , حيث من المفضل أن تتم بشكل طبيعي دون تعاطي أية عقاقير أو أدوية.
وهناك من الأبحاث ما يؤيد أمكانية أن يسير السائل الكيماوي في الدماغ مسار خاطئ مما يفضي بدوره إلى نشوء صعوبات التعلم , إذ حين تتوالد فيه خلايا جديدة تنتقل هذه إلى أماكن جديدة فيه , فقد يحدث أن تنتقل هذه الخلايا إلى أماكن أبعد مدى مما هو مقرر لها . والذي يجب أن تكون فيه وتستقر عنده حين تتم مرحلة النمو فيه , وبهذا يكون في المكان الواحد عدد من الخلايا أكثر مما يجب أن تكون عليه في مرحلة النمو النهائية في الدماغ , وحين تصل هذه الخلايا إلى مكانها المؤقت تمد أطرافها عصبية نحو المنطقة التي من المفروض أن تتصل بها , فإذا كانت في موقعها الصحيح حدث الاتصال , وتكاثرت الخلية , وإلا بقى كل شيء على حاله , وحين تنتهي هذه العملية ويتواجد العدد المحدود من الخلايا كل في مكانه المحدد , تعود الخلايا التي ضلت الطريق إلى مكانها الأصلي , وعندما تقف , وتثبت في مكانها مع العدد المحدد من الخلايا , حيث يتصل كل منها في المنطقة المخصصة له مع الدماغ , وعندها يكون كل منها قد استقر في مكانه الصحيح والمخصص له
هل صعوبات التعلم ناتجة عن اختلافات في المخ ؟
مقارنة الأفراد الذين يعانون من صعوبات التعلم مع الأفراد الأسوياء وجد العلماء بعض[/الاختلافات في تركيب ووظائف المخ- فعلى سبيل المثال وجد العلماء أن هناك اختلافا في[/بعض مناطق المخ التي تسمى المنطقة الصدغية,,,,]وهي منطقة مسئولة عن اللغة وتوجد في السطح الخارجي على جانبي المخ، و قد وجد أن هذه التركيبات المخية تكون متساوية على كل من فصي المخ في الأفراد الذين يعانون من عسر القراءة ، و لكن في الأفراد الأسوياء تكون تلكالتركيبات المخية أكبر في الناحية اليسرى عنها في الناحية اليمنى.
ومن ناحية أخرى فإن أغلب الدراسات والبحوث التي أجريت في مجال وظائف النصفينالكرويين بالمخ وعلاقتها بصعوبات التعلم أكدت أن معظم الافراد ذوي صعوبات التعلميسيطر لديهم النمط الأيمن في معالجة المعلومات.( توجد منطقتي بروكا وفرنكا المسؤلتان عن الكلام والفهم في الفص الصدغي خلال العقود الماضية توصل عدد من المختصين في علم النفس العصبي الفسيلويجا العصبية إلى معلومات ونتائج تشير إلى وجود فروق دالة بين التوضيف أو الأداء المخير للأطفال ذوي صعوبات التعلم وأقرانهم ذوي التحصيل العادي.
أي يختلف الجهاز العصبي لذوي صعوبات التعلم (من حيث الوظيفة) عن الجهاز العصبي للعادي.
التلف الدماغي
من المحتمل أن تكون صعوبات التعلم التي يعاني منها الفرد , أو ما عنده من تشتت الانتباه , وصعوبة التركيز , راجعة إلى تلف في الدماغ , أو ما يصيب الدورة الدموية من مشاكل , أو من بعض العمليات الكيماوية التي تحدث في الجسم بشكل غير طبيعي , وبشكل خارج عن المألوف , فتكون بمستوى مرتفع أو منخفض أكثر من المعتاد , الأمر الذي يؤثر على نمو الجهاز العصبي عند الجنين خلال الحمل , او الولادة , وقد تؤثر على الدماغ فتصيبه إصابات مباشرة تؤثر على نموه .
وقد يتعرض الطفل لصدمات شديدة خلال رضاعته أو أيام طفولته لتلحق بجهازه العصبي آثارا ضارة , وقد تلحق بدماغه إصابات معينة نتيجة لتعرضه للإصابة بالحمى المرتفعة , أو لحالة من حال ت التسمم , وقد يلحق الدماغ تلف نتيجة تعاطي أدوية وعقاقير لأمراض معينة أو نتيجة العلاج بالأشعة لكل الجسم وبخاصة إذا ما تعرض الدماغ أو إحدى مناطقه إلى نزيف , الأمر الذي يزيد من صعوبات التعلم عند الفرد.
وإذا ما تعرض الدماغ إلى الإصابة فإن حدة المشكلة وحدة آثارها على الشخص تتوقف على مدى اتساع هذه المشكلة , وحجمها , ونوع الإصابة والمنطقة التي أصيبت , وعلى مدى النمو الذي وصلته المنطقة المصابة , وعلى شدة الإصابة , وقد يموت الطفل نتيجة لذلك , أما إذا كانت الإصابة متوسطة فقد يلحق الفرد إعاقة ذهنية , وقد يلحقه في ابسط الحالات صعوبات في التعلم أو يصاب بعدم التركيز وتشتت الانتباه , وقد يكون عنده نشاط زائد عن الحد غير الهادف .
الاضطرابات في تشريح المخ (2)
أوضح أريل 1993 Ariel إن المخ أكثر أعضاء الجسم تأثيرًا بالعوامل البيئية سواء في مرحلة الحمل أو الولادة وما بعد الميلاد في سنوات العمر الأولى .
وتضيف شيلدس 1991 Shields إن نمو مخ الجنين خلال مرحلة الحمل نمو شديد التعقيد , فهو يتكون من بلايين الخلايا العصبية المتصلة وقد يؤدي حدوث أي خطأ أثناء مرحلة التكوين إلى قصور في تشكلي الأعصاب أو الوصلات العصبية مما يؤدي إلى حدوث خلل في المخ يؤثر فيما بعد على قدرات الطفل وقد يصيبه بصعوبات التعلم .
وفي هذا السياق يؤكد كافال وفورنس 1985Forness & Kavale أن إصابات الفص الصدغي واضطرابات الجزء الخلفي من المخ , واضطرابات الدماغ الداخلي وعدم التوازن اللحائي للمخ واضطراب التمثيل الغذائي للمخ , وتأخر نضج الجهاز العصبي المركزي تعتبر من أهم مظاهر الاضطرابات التي تظهر لدى ذوي صعوبات التعلم .
وفي دارسة عملية للتعرف على أثر الاضطرابات المخية والعصبية في حدوث صعوبات التعلم ففي دراسة قام بها كل من بوشيس ومايكل بست 1964 Boshes& Myklebust بفحص 200 طفل يعانون من صعوبات التعلم و 200 طفل من العاديين باستخدام جهاز رسام المخ الكهربائي , وكان من أهم النتائج التي وصلت إليها هذه الدراسة أن 29 % من العاديين , 42% من ذوي صعوبات التعلم قد أظهروا أنماط غير عادية على جهاز رسام المخ (EEG) ومن ثم يصعب القول أن كل الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم يعانون من خلل أو اضطراب مخي وليس كل من يعانون من صعوبات تعلم