أغاثا كريستي

من هذه الكاتبه بحق كاتبة عظيمة و هي بلا أدنى شك أفضل من كتب الروايات البوليسية ولدت أغاثا في

انجلترا في مقاطعة (ديفونشير) عام 1890 من أب أمريكي وأم إنكليزية آثرت أن تظل إنكليزية

الجنسية والوطن...، عاشت في بلدة (توركاي) معظم طفولتها، تقول عن نفسها: إنني قضيت طفولة

سعيدة إلى أقصى درجات السعادة، تكاد تكون خلواً من أعباء الدروس والاستذكار، فانفسح لي الوقت

لكي أتجول في حديقة بيتنا الواسعة وأسيح مع الخيال ماشاء لي الهوى.!! و بدأت مشوارها في

الكتابة عن طريق الصدفة عندما أقنعتها والدتها بالكتابة بعد جلوسها في فراش المرض لفترة فكتبت

رواية ثلوج في الصحراء التي لم تر النور ثم كتبت رواية الفضية الغامضة في ستايلز التي كانت ولادة

هركيول بوارو الشخصية الرئيسية في رواياتها و هو محقق بلجيكي مضحك الشكل من حيث قصر

القامة و شاربه الصغير و رأسه الذي يشبه البيضة و من هنا بدأ مشوار أغاثا فبدأت تكتب العديد من

الروايات البوليسية و استفادت من تنقلها في الشرق الأوسط لتكتب أجمل رواياتها مثل جريمة على

النيل و لقاء في بغداد و جريمة في العراق و غيرها

في عام 1930 تزوجت أجاثا كريستي من (ماكس مالوان) عالم الآثار المعروف بعد أن التقت به في

إحدى سفراتها إلى العراق، وكان عمرها يومذاك 39 سنة بينما كان عمره 26 سنة.!!.‏

وقد أتاح لها زواجها هذا أن تزور معظم بلاد الشرق الأدنى، فتجولت في بلاد العراق والشام ومصر

وبلاد فارس...الخ، ووفَّر لها هذا التجوال فرصاً ممتازة لكتابة أجمل رواياتها وقصصها المليئة

بالأسرار، المفعمة بالغموض، المعتمدة ليس على مواقع الحدث في بلاد الشرق الساحرة فقط وإنما

على خيال الكاتبة الجامح، أيضاً ولغتها المتدفقة السيالة وقدرتها الفريدة على ابتكار الشخصيات

الغامضة والمثيرة وتحريكها عبر الرواية باتجاهات مختلفة تُذهل القارئ.!! بل تشدَّه وتدهشه.!! ومثلما


و كذلك استفادت من الفترة التي عملت فيها في المستشفى اثناء الحرب العالمية الثانية لتتعلم أكثر عن السموم و الأدوية لتستخدمها في رواياتها و

الى جانب بوارو أخرجت اغاثا عددا كبيرا من الشخصيات الثابته التي كانت تظهر في عدة من رواياتها

مثل مس ماربل العجوز الذكية و مستر كوين الذي لا يراه الا شخص واحد في العالم حتى تبدأ تشك في

وجوده و تومي و توبنس الصديقان المتهوران بالاضافة الى هاستينغز الذي يرافق بوارو دائما حتى

الرواية التي يموت بها بوارو الا و هي رواية الستارة التي كتبتها أغاثا و لم تكن تريد نشرها الى ان

اقنعها مدير أعمالها بذلك فنشرتها قبل شهرين من وفاتها و الى جانب الكم الكبير الذي كتبته أغاثا في

الروايات البوليسية التي يقدر عددها بـ80 مجلدا كتبت هذه الروائية العظيمة روايات عاطفية تحت اسم

مستعار و هو ماري ويستماكوت و كذلك كتبت احدى اطول المسرجيات عرضا في التاريخ الا و هي

مسرحية مصيدة الفئران التي عرضت في لندن لما يفوق الستين عاما .

و لكن اذا نظرنا للجانب الآخر من حياة أغاثا رأيناها انسانة مختلفة تماما فهي لا تحب الشهرة و

أضوائها فكانت تحب ان تقضي أوقات فراغها مع زوجها و ابنتها بدون ازعاج الصحفيين لم تكن اغاثا

تحب الكحول و لم تدخن ايضا و عندما سألوها عن أكثر ما تحب قالت أحب الصحراء جدا و هذا السبب

الذي جعلها تتعلق ببلاد العرب و عندما سألوها كيف تستقي الأفكار لرواياتها قالت ان الأفكار تأتي لها

عندما تكون تعمل أبسط الأعمال مثل غسيل الصحون في المطبخ فتأتي لها فكرة الرواية واضحة تماما .

و لكن السر الأكبر في حياة أغاثا كريستي هو أنها فقدت لفترة من حياتها لم يعلم أحد اين ذهبت و ظلوا

يبحثون عنها و بعد 11 يوما وجدوها في احدى المصايف تجلس وحدها و عندما سألوها اين كانت

أجابت ببساطة كنت هنا و لم يعلم احد حتى يومنا هذا اين كانت أغاثا في تلك الفترة .

فهذه الكاتبة كان الغموض يلف عالمها كما كان يلف رواياتها على العموم هي الكاتبة البوليسية الأولى

دون منازع

هكذا عاشت كريتسي وهكذا كتبت، حتَّى أنها عند بلوغها سن الخامسة والثمانين كانت قد أنتجت (85)

كتاباً بمعدل كتاب لكل سنة.!! وهو رقم خارق يعكس القدرة على الإنتاج والكتابة، يتساءل

(مالوان) "كيف نفسر هذه الظاهرة.؟ إنها ناشئة عن حالة دائمة من الخيال الجامح".‏


اعتبرت هذه الكاتبة مسألة (الرفقة) كما أسلفنا عنصراً جوهرياً في السعادة الزوجية، كما مشاطرة

الخبرات والمشاعر والأفكار والتعبير المبهج عنها، ولعل هذه الأمور مجتمعة كانت من أسباب نجاح

ديمومة زواجها من (مالوان) فقد استمرت حياتها معه (45) عاماً، أي حتَّى وفاتها عام 1976، ومن

طريف ما يروى أنها كلما كانت تسأل عن سر تعلّق (مالوان) بها وحبه لها كلما تقدمت في العمر وهي

تكبره أصلاً تجيب: إنه أمر طبيعي، فزوجي عالم آثار يعشق الآثار القديمة.!!