الحديث الشريف
الحديث الأول : الصدق طريق الجنة
* عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ص يقول :-
" إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوي , فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله , ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها , أو امرأة ينكحها , فهجرته إلي ما هاجر إليه " .
** معاني المفردات و الجمل :-
- إنما : أداة قصر للتخصيص والتوكيد .
- الأعمال : العبادات .
- بالنيات : النية : قصد الشيء مع اقتران هذا القصد بالفعل .
- امرئ : رجل
- هجرته : الانتقال من مكان إلي أخر .
- إلي الله ورسوله : في سبيل دين الله ورسوله .
- دنيا : المراد ما في الحياة من متاع كالأموال والثمار والبضائع .
- يصيبها : ينالها ويحصل عليها .
- ينكحها : يتزوجها .
** الشرح :-
* يختلف جزاء العمل عند الله باختلاف نية أصحابه , فمن كانت هجرته في سبيل الله , فله ثواب الهجرة حقاً , وإن كان المهاجر يطلب الدنيا , أو يرحل راغباً في امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه , وليس له ثواب المهاجر في سبيل الله .
** ما يرشد إليه الحديث :-
1- يقوم العمل المستحق للثواب علي قاعدتين هما :-
* النية خالصة لله .
* الجزاء علي هذا العمل .
2- إذا نوي الإنسان فعل الطاعة , ومنعه مانع خارج عن إرادته قله ثواب نيته .
3- جزاء كل عمل يكون بنية صاحبه .
4- يدعونا الحديث إلي الإخلاص لله وحسن النية .
5- التحذير من فتنة الدنيا وفتنة النساء .
6- بما أنه لا هجرة بعد الفتح , فمعني الهجرة اليوم أن نهجر الرذائل إلي الفضائل .
7- الهجرة نموذج لكل عمل يخلص صاحبه وينوي به وجه الله .
** معاني المفردات و الجمل :-
- تتوكلون علي الله : تعتمدون عليه .
- حق توكله : توكلا حقيقيا صحيحا .
- لرزقكم كما يرزق الطير : فالطير تسعي للحصول علي رزقها , ولا تمكث في عشها حتي يأتيها رزقها .
- خماصا : جياعا خالية البطون .
- تعود بطانا : ترجع شباعا .
** الشرح :-
* يوجهنا الرسول ص إلي التوكل علي الله بمعناه الصحيح , بحيث نأخذ بالأسباب , ونباشر العمل واثقين بأن الله سبحانه وتعالي هو الذي يأتي بالخير ويدفع الشر مصداقا لقوله ـ تعالي " ومن يتوكل علي الله فهو حسبه " ويضرب لنا مثلاً من الطير , تخرج صباحا من أوكارها جياعا تبحث عن رزقها , فالتوكل علي الله لا يمنع السعي في سبيل العمل .
** ما يرشد إليه الحديث :-
1- هناك فرق بين التوكل علي الله والتواكل,فالأول عمل وثقة بتوفيق الله ـوالثاني ترك العمل انتظارا للرزق من الله
2- الإسلام يدعو أهله إلي السعي و العمل .
3- الإخلاص في العمل و التبكير له من عوامل النجاح .
4- يحقق التوكل علي الله للمؤمن قوة روحية , وراحة نفسية .
5- التوكل علي الله يهيئ الأمن النفسي والرضا بالنتائج , ثقة بعدل الله وقضائه .
6- التوكل علي الله منزلة سامية في الإسلام فهو تصديق عملي .
الحديث الثالث : من علامات الإيمان
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال ص " من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذ جاره , ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه , ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ".
** معاني المفردات و الجمل :-
- اليوم الأخر : يوم القيامة .
- لا يؤذ جاره : لا يسئ إليه بالقول أو الفعل .
- فليكرم ضيفه : الضيف : هو النازل عند غيره .
- فليقل خيرا : كتوجيه النصح و أداء الشهادة .
- ليصمت : ليسكت عن القول المحرم كشهادة الزور أو شتم الناس .
** الشرح :-
- هذا الحديث الشريف يشتمل علي ثلاثة توجيهات وهم :-
1- التوجية الأول :- هو النهي عن إيذاء الجار ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم جاره ) , وذلك لأن الجار أرب الناس إلي جاره , فهو يعرف أسراره , ويقدر علي مساعدته قبل غيره , فإذا سادت روح المحبة بين الجيران عاشوا سعداء متعاونين , وقد أوصي الإسلام بالجار حتى وإن كان غير مسلم .
2- التوجية الثاني : إكرام الضيف , بحسن استقباله , والبشاشة في وجهه , وتقديم التحية له , وقد عرف المسلمون الأوائل بإيثار الضيف علي النفس .
3- التوجية الثالث : قول الخير والسكوت عن الشر ؛ لأن قول الخير يفيد الفرد والجماعة ويقوي الروابط بينهم , أما قول الشر فيؤذي الناس ويقطع الصلة بينهم .
** ما يرشد إليه الحديث :-
1- الإيمان بالله واليوم الأخر أساس العمل الصالح فإن الله عليم بما نعمل و اليوم الآخر آت حتماً .
2- الإسلام حريص علي ما ينفع الفرد , وما يقوي روابط المجتمع .
3- عدم إيذاء الجار من الصفات الكريمة .
4- يجب علينا أن نكرم الجار والضيف .
الحديث الرابع : منهج الإسلام في العبادة
* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ ص ـ قال : إن الدين يسر , ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا , وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة , وشيء من الدلجة .
** معاني المفردات و الجمل :-
- يشاد : يغالب .
- فسددوا : الزموا السداد وهو الصواب .
- وقاربوا : أعملوا بما يقرب من الكمال .
- وأبشروا : افرحوا بالثواب علي العبادة .
- الغدوة : السير في أول النهار .
- الروحة : السير بعد الزوال .
- الدلجة : السير أخر الليل حيث ينتشر نور الفجر .
** الشرح :-
- الإسلام دين السماحة واليسر , فقد أباح التيمم لمن لم يجد الماء للوضوء , كما أباح الصلاة من قعود لمن لم يستطيع القيام , وأباح الفطر للمريض والمسافر ثم يقضي , ومن يتشدد علي نفسه في العبادات , ويترك الرفق يعجز ويغلب .
- ولذلك يأمرنا النبي ص بالاعتدال والتوسط والسداد وهو الصواب ـ ثم يبشرنا بالثواب علي العمل الدائم وإن كان قليلاً .
- ثم يرشدنا إلي الاستعانة علي دوام العمل وسداده بفعله في أوقات النشاط ( أول النهار ـ بعد الزوال ـ بين الفجر وطلوع الشمس ) . قال رسول الله ص :" أحب الأعمال إلي الله أدومها و إن قل " .
** ما يرشد إليه الحديث :-
1- يتميز الإسلام بأنه دين اليسر والبعد عن المشقة .
2- النهي عن المغالاة و التشدد .
3- اختيار أوقات النشاط لأداء العمل والعبادة فيها .
4- التشدد والتعمق في العبادة قد يؤدي إلي العجز و الانقطاع عن المواصلة .
5- الإسلام يدعو إلي قصد الثواب , ومقاربة الكمال .
الحديث الخامس : المحاسبة علي النعم
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ص : لا تزول قدما عبد حتى يسأل : عن عمره فيم أفناه ؟ وعن علمه فيم فعل فيه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيم أبلاه ؟ .
** معاني المفردات والجمل :-
- لا تزول قدما عبد : لا ينتقل إنسان يوم القيامة من مكانه في المحشر .
- حتى يسأل : حتي يحاسب علي تصرفاته .
- عمره : العمر : مدة الحياة .
- فيم أفناه ؟ : في أي الأعمال قضي عمره ؟
- أبلاه : أهلكه .
** الشرح :-
- وهبنا الله كثيراً من النعم , كالحياة والعلم والمال والجسم وغيرها , وكلفنا بالعبادة والجهاد , وأمرنا بالزكاة و الصدقات والعمل الشريف .
- ويوم القيامة يحاسبنا علي هذه النعم , فنستحق الثواب إن كنا محسنين ونعاقب إن كنا مسيئين .
- فيسأل كل إنسان مكلف عن عمره .. فيم قضاه ؟ في طاعة الله والعمل الصالح ؟ أم في غير ذلك .
- ويسأل عن علمه : فقد منحه العقل والحواس ليدرك ويتأمل ويتعلم لينفع نفسه و مجتمعه .
- ويسأله عن ماله : كيف حصل عليه ؟ من طريق حلال أم حرام ؟ وفيم أنفقه ؟ في الخير أو الشر ؟ وهل أخرج زكاته ووصل به الأرحام وضحي بجزء منه في سبيل الله ؟ أم جعله وسيلة للشر والعبث و الفساد وقهر الناس ؟
- وعن جسمه .... فيم أبلاه ؟ فالصحة نعمة كبري يجب علينا أن نصونها وأن نشكر الله عليها بحسن الطاعة .
** ما يرشد إليه الحديث :-
1- حرص الرسول ص علي مصلحة الناس .
2- الحساب يوم القيامة حق , وكما يكون علي الأعمال بوجه عام .
3- الدنيا دار أعمال واختبار , والآخر دار حساب .
4- خير الناس من طال عمره وحسن عمله .
5- قيمة الوقت , وقضاؤه في الخير .
6- الدعوة إلي تعلم العلم , وإلي تعليمه للناس .
7- الكسب الحلال من وسائله الشريفة المشروعة .
8- إنفاق المال في الخير , كرعاية الأسرة , وإيتاء الزكاة , والصدقات .
9- المحافظة علي الصحة , بالبعد عما يضر الجسم والعقل .
الحديث السادس : الإسلام إيمان واستقامة
* عن سفيان بن عبيد الله الثقفي ـ رضي الله عنه ـ قال : " قلت : يا رسول الله , قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحداً بعدك . قال : قل آمنت بالله ثم استقم .
** معاني المفردات و الجمل :-
- لا أسأل عنه أحداً بعدك : أي كلاما جامعا لا أحتاج بعده إلي سؤال أحد .
- آمنت بالله : اعتقدت بوجود الله وحده .
- استقم : الاستقامة : هي سلوك الطريق المستقيم .
** الشرح :-
- الرسول ص إمام المعلمين , ولذلك كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يحرصون علي الانتفاع بعلمه , فهذا صحابي جليل هو سفيان بن عبد الله . الثقفي يطلب من النبي أن يقول له من أمر الدين كلاما جامعا لا يحتاج بعده إلي سؤال أحد , فإجابة الرسول : " قل آمنت بالله ثم استقم " فهو قول بليغ موجز يشتمل علي الركنين المهمين في حياة المسلم وهما : ( الإيمان ـ و الاستقامة ) أي ( العقيدة ـ والعمل ) .
- فالركن الأول الإيمان : وهو الإقرار بوجود الله والاعتراف بأنه واحد والتصديق بكتبه ورسله و اليوم الآخر و بالقضاء والقدر , خيره وشره
- و الركن الثاني : الاستقامة : وهي السير علي الطريق الصحيح بأداء العبادات وحسن الأخلاق وبذلك يتحقق معني الإسلام .
** ما يرشد إليه الحديث :-
1- حرص الصحابة علي معرفة أمور الدين .
2- جوهر الدين و العقيدة والعمل الصلح .
3- بلاغة الرسول ص وأن الله أختصه بجوامع الكلم .
4- أهمية الإيمان بالله , وأثره في السلوك السليم .
5- الاستقامة هي التطبيق العملي لحقيقة الإيمان .
6- تواضع الرسول و استجابته لمطالب أصحابه .